وجعلني مباركا
دوماً ما نغفل عن أننا نعيش بشخصيتين ووجهين وربما أكثر! كيف ذلك؟ يكون غريبا بين أهله، ومع خلاّنه محبوبا وَدُودا.. يلتزم في المسجد، لكنه في الشارع ثعلب ماكر.. تلقاه بوجه عندما يكون بزيّ الوعظ، وحين تنتهي مهمّة الوعظ تجده بوجهٍ آخر.. في العالم الواقعي وأمام الناس يتصرّف كالملاك، وحين يختلي في العالم الافتراضي (التلفزيون، الفايس بوك، والدردشة..) لا يعرف حدودا ولا حرمات؛ يحلّ ما هو حرام ببرودة تامّة.. تُظهر التزامها بالحجاب بين أهلها وصديقاتها، لكن الصور والنماذج المفضّلة عندها هي للعاريات العاهرات.. يكون حملا وديعا في وطنه، وحين يغترب (خارج الوطن) يتخلّص من كلّ التزام وأخلاق.. إلخ. أشكال التناقضات تعدّدت في الآونة الأخيرة مما يُنذر بوجود خلل عَقدي وانفصام في الشخصية يكتسح مجتمعاتنا التي أضحَت مادّة سهلة الانفجار، فلا يمكن الحُكم بصلاح غالبيتها حسب الظواهر، بل لابد من إحاطة بما يوجد من انحراف وانهيار أخلاقي في العالم الآخر؛ عالم السّر؛ العالم الافتراضي.
"وجعلني مُبارَكًا أينما كنتُ" عنوان المسلم والمسلمة في هذا العصر الذي أُتيح فيه كلّ شيء، وسقطت الحدود وأسوار الحماية من كلّ خطر.
من لم يكن مُباركا بنيّته الطيبة وقلبه السليم وقوله السديد وعمله الصالح وتفكيره الرشيد؛ فإنه لا محالة سيعرّض ما حوله إلى محقٍ وخسران.
بقلم: يحيى الاطرش
0 التعليقات:
إرسال تعليق